السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أشعر بالقلق الشديد، وأفكر كثيرا بالموت لدرجة أنني لم أعد أهتم بدراستي، أجلس في المحاضرات وأفكر بالموت وماذا سيحصل
لأهلي بعد مماتي؟!! تعبت كثيرا من التفكير في الموت، حياتي كلها تغيرت. لا أستطيع النوم من الأحلام المزعجة.
أنا الحمد لله أصلي وأقرأ القرآن أحيانا، بعد الصلاة أرتاح لكن سرعان ما أشعر بالخوف، وأنها ربما تكون آخر ساعة لي في الحياة. وبما أنني أفكر في الموت الآن فهذا يعني أني سأموت قريبا!! أسمع كثيرا بأن الشخص الذي سيموت يشعر بذلك، أتمنى من الأستاذ الهنداوي مساعدتي.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن البشرى العظيمة التي نسوقها لك في أول كلامنا بأن تعلمي أن ما يعرض لك بحمدِ الله لا يعد شيئًا قادحًا في شخصيتك ولا يعد خللاً في إيمانك، ولا يعد أيضًا مرضًا عقليًا - بحمد الله عز وجل – فهذا أمر لابد من معرفته وطمأنة النفس تجاهه، فإن أمر المخاوف قد يعرض للإنسان في بعض الأحيان، ويساعد على ذلك عدة أسباب قد تكون تارة راجعة إلى الطبيعة الرقيقة اللطيفة (حساسة) التي لديك، وتارة تكون راجعة إلى الوضع الاجتماعي الذي تعيشينه خاصة مع عدم وجود الأنيس والصاحبة والقريبة كما أشرنا إلى هذا المعنى في الجواب السابق، وتارة تعود أيضًا إلى نوع من تسلط بعض الأفكار عليك واستمرارك في التفكير فيها.
وهذا السبب الأخير من آكد الأسباب وأشدها أثرًا، فإنك عندما يمر بك الخاطر وتسترسلين معه يحصل في نفسك فزع منه لأنك تظنين أن هذا الخاطر هو مؤشر إلى وقوع ذلك في القريب لاسيما إذا انضاف إلى هذا سماعك من بعض الناس أن من اقتربت ساعته فإنه يشعر بنفسه ويشعر أن منيته قد دنت ونحو ذلك من الأمور. فهذه يا أختي أمور لا ينبغي أن تلتفتي إليها، فإن المؤمن موقن تمامًا بقول الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، فأمر الساعة هو أمر قد طواه الله جل وعلا علمه عن عباده.
وهذا الذي يعرض لك هو نوع من الوساوس التي تتعلق بالمخاوف من الموت أو المخاوف من الأمراض الشديدة ونحو ذلك من الأمور التي قد يفزع منها الإنسان، وها هنا أمر لطيف يعينك تمامًا على تحقيق قدر معتدل يجعلك تخرجين من دائرة هذا القلق الذي لديك، وهو أن تعلمي يا أختي أن الخوف من الموت وكراهيته هو أمر موجود في طبيعة الإنسان، فما منَّا إلا ويكره الموت كراهية طبيعية فطرية.
فالإنسان مجبول على حب الحياة ويكره الموت بهذا الاعتبار، وهذا القدر هو قدر عادي وليس بحمدِ الله قدرًا زائدًا عن الحد المعتدل، وهذا هو الذي ذكرته عائشة –رضي الله عنها – لما قال - صلى الله عليه وسلم -: (من أحب لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه). فقالت: يا رسول الله فكلنا نكره الموت. قال: (ليس ذلك ولكن المؤمن إذا بُشر – أي عند موته وعند احتضاره – برضوان الله أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، والكافر إذا بشر بسخط الله – والعياذ بالله – كره لقاء الله فكره الله لقاءه).
والمقصود هو أن هذا القدر من كراهية الموت هو أمر جبلي في الإنسان، فإذا زاد الإنسان في التفكير فيه وتخيله واستحضره ثم بعد ذلك رسمه في نفسه وكأنه قد وقع وأخذ ينظر فيما سيقع بعد ذلك من الآثار بعده وكأن الأمر قد حصل بالفعل زاد الأمر في نفسه وتحول إلى نوع من الوساوس التي تحمل على هم وحزن وقلق فيصبح الإنسان بعد ذلك حزينًا، وربما انشغل عن مصالح دينه ودنياه، وهذا قد وقع لك قدر منه.
وطريق التخلص منه هو العمل بما أشرنا إليه من العمل بالخطوات التي ستجدين أثرها - بإذن الله عز وجل – لو أنك أمعنت فيها النظر وعملت بها، وكذلك إضافة خطوة عظيمة في هذا الباب وهو: أن تلتفتي التفاتًا قويًا إلى محاربة هذه الوساوس ومضادتها، وذلك بأن تتشاغلي عنها إذا عرضت لك، فمثلاً عندما تكونين في تحصيل دروسك فلا تسرحي بخيالك بعيدًا في الموت وهجومه عليك وماذا سيحصل لك بعد ذلك، ولكن انتبهي إلى ما يقال في دروسك، وكذلك عند جلوسك لوحدك لا تجلسي مفكرة سارحة في هذا الأمر وإنما حصلي ما تحتاجينه من مصالح دينك ودنياك بقراءة كتاب الله، بالمحافظة على صلاتك، بمراجعة دروسك بمواصلة أهلك وأخواتك، باللقاء مع الأخوات الفاضلات على طاعة الرحمن، فيحصل بذلك المقصود من دفع هذه الخواطر والتشاغل عنها، فهذا هو المطلوب، وأنت بذلك تصلين إلى الخروج من هذه الوساوس إلى الشعور بأنك قد تحررت منها في فكرك وعملك، فعملك مثمر منتج وفكرك قد تخلص منها فلا تقفين عندها، فخذي مثلاً هذا المثال:
فها أنت الآن جالسة وقد عرضت لك فكرة الموت فالمعتاد أن تسرحي في هذه الفكرة وأن تتخيليها وأن يصيبك لأجل ذلك القلق والحزن وربما فقدان الشهية وربما الخوف من النوم لظنك أنك إن نمت فقد لا تصبحين، فبدل ذلك إذا شعرت بورودها عليك فقومي بهذه الخطوات والزمي العمل بها، فأول ذلك:
1- أن تستعيذي بالله منها، كأن تقولي (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه).
2- أن تخرجي من هذا التفكير إلى عمل نافع يشغل تفكيرك، كأن تمسكي كتاب الله وتقرئي فيه وتتدبري معانيه، لاسيما إذا أضفت إلى ذلك شيئًا من تفسير القرآن، أو تستمعي إلى شريط إسلامي نافع يفيدك في دينك ودنياك أو تراجعين بعض دروسك وتركزين عليها، أو تقومي بتحضير وجبة من الطعام تتشاغلين بإعدادها على هيئة حسنة تحبينها، فبهذا يحصل لك إشغال لنفسك عن التفكير في هذا الأمر. والخطوة الثالثة بعد ذلك:
3- تحقيق النظر في هذه الوساوس وهي أنها مجرد خطرات تصدر من عدوك الذي يريد أن يشغلك عن طاعة الله وعن تحقيق مصالح دينك ودنياك، فبهذا تعلمين أنها وسوسة من جهة الشيطان ومن ضعف النفس الأمارة بالسوء، فلا التفات لها فمصدرها قد عرف ولن أتشاغل به بعد اليوم - بإذن الله عز وجل - .
فهذا هو المطلوب منك في هذا الوقت، هذا مع الحرص على الوصايا التي أشرنا إليها وقد كنا نود أن تشيري إليها في كلامك الكريم والتي تتعلق بدراستك وطبيعتها وطبيعة بعدك عن أهلك، فكل هذا له آثار كنا نود أن تشيري إليه ليكون ذلك أدعى لإصابة الجواب الأنسب، ونود أن تظلي على تواصل مع الشبكة الإسلامية وبانتظار رسالتك بعد أسبوعين لنقدم لك مزيدًا من التوجيهات والإرشادات مع ذكر عامة الثمرات والنتائج التي توصلت إليها، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى وأن يجعلك من الناجحات في الدنيا والآخرة.
وبالله التوفيق.
http://www.islamweb.net
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أشعر بالقلق الشديد، وأفكر كثيرا بالموت لدرجة أنني لم أعد أهتم بدراستي، أجلس في المحاضرات وأفكر بالموت وماذا سيحصل
لأهلي بعد مماتي؟!! تعبت كثيرا من التفكير في الموت، حياتي كلها تغيرت. لا أستطيع النوم من الأحلام المزعجة.
أنا الحمد لله أصلي وأقرأ القرآن أحيانا، بعد الصلاة أرتاح لكن سرعان ما أشعر بالخوف، وأنها ربما تكون آخر ساعة لي في الحياة. وبما أنني أفكر في الموت الآن فهذا يعني أني سأموت قريبا!! أسمع كثيرا بأن الشخص الذي سيموت يشعر بذلك، أتمنى من الأستاذ الهنداوي مساعدتي.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن البشرى العظيمة التي نسوقها لك في أول كلامنا بأن تعلمي أن ما يعرض لك بحمدِ الله لا يعد شيئًا قادحًا في شخصيتك ولا يعد خللاً في إيمانك، ولا يعد أيضًا مرضًا عقليًا - بحمد الله عز وجل – فهذا أمر لابد من معرفته وطمأنة النفس تجاهه، فإن أمر المخاوف قد يعرض للإنسان في بعض الأحيان، ويساعد على ذلك عدة أسباب قد تكون تارة راجعة إلى الطبيعة الرقيقة اللطيفة (حساسة) التي لديك، وتارة تكون راجعة إلى الوضع الاجتماعي الذي تعيشينه خاصة مع عدم وجود الأنيس والصاحبة والقريبة كما أشرنا إلى هذا المعنى في الجواب السابق، وتارة تعود أيضًا إلى نوع من تسلط بعض الأفكار عليك واستمرارك في التفكير فيها.
وهذا السبب الأخير من آكد الأسباب وأشدها أثرًا، فإنك عندما يمر بك الخاطر وتسترسلين معه يحصل في نفسك فزع منه لأنك تظنين أن هذا الخاطر هو مؤشر إلى وقوع ذلك في القريب لاسيما إذا انضاف إلى هذا سماعك من بعض الناس أن من اقتربت ساعته فإنه يشعر بنفسه ويشعر أن منيته قد دنت ونحو ذلك من الأمور. فهذه يا أختي أمور لا ينبغي أن تلتفتي إليها، فإن المؤمن موقن تمامًا بقول الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، فأمر الساعة هو أمر قد طواه الله جل وعلا علمه عن عباده.
وهذا الذي يعرض لك هو نوع من الوساوس التي تتعلق بالمخاوف من الموت أو المخاوف من الأمراض الشديدة ونحو ذلك من الأمور التي قد يفزع منها الإنسان، وها هنا أمر لطيف يعينك تمامًا على تحقيق قدر معتدل يجعلك تخرجين من دائرة هذا القلق الذي لديك، وهو أن تعلمي يا أختي أن الخوف من الموت وكراهيته هو أمر موجود في طبيعة الإنسان، فما منَّا إلا ويكره الموت كراهية طبيعية فطرية.
فالإنسان مجبول على حب الحياة ويكره الموت بهذا الاعتبار، وهذا القدر هو قدر عادي وليس بحمدِ الله قدرًا زائدًا عن الحد المعتدل، وهذا هو الذي ذكرته عائشة –رضي الله عنها – لما قال - صلى الله عليه وسلم -: (من أحب لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه). فقالت: يا رسول الله فكلنا نكره الموت. قال: (ليس ذلك ولكن المؤمن إذا بُشر – أي عند موته وعند احتضاره – برضوان الله أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، والكافر إذا بشر بسخط الله – والعياذ بالله – كره لقاء الله فكره الله لقاءه).
والمقصود هو أن هذا القدر من كراهية الموت هو أمر جبلي في الإنسان، فإذا زاد الإنسان في التفكير فيه وتخيله واستحضره ثم بعد ذلك رسمه في نفسه وكأنه قد وقع وأخذ ينظر فيما سيقع بعد ذلك من الآثار بعده وكأن الأمر قد حصل بالفعل زاد الأمر في نفسه وتحول إلى نوع من الوساوس التي تحمل على هم وحزن وقلق فيصبح الإنسان بعد ذلك حزينًا، وربما انشغل عن مصالح دينه ودنياه، وهذا قد وقع لك قدر منه.
وطريق التخلص منه هو العمل بما أشرنا إليه من العمل بالخطوات التي ستجدين أثرها - بإذن الله عز وجل – لو أنك أمعنت فيها النظر وعملت بها، وكذلك إضافة خطوة عظيمة في هذا الباب وهو: أن تلتفتي التفاتًا قويًا إلى محاربة هذه الوساوس ومضادتها، وذلك بأن تتشاغلي عنها إذا عرضت لك، فمثلاً عندما تكونين في تحصيل دروسك فلا تسرحي بخيالك بعيدًا في الموت وهجومه عليك وماذا سيحصل لك بعد ذلك، ولكن انتبهي إلى ما يقال في دروسك، وكذلك عند جلوسك لوحدك لا تجلسي مفكرة سارحة في هذا الأمر وإنما حصلي ما تحتاجينه من مصالح دينك ودنياك بقراءة كتاب الله، بالمحافظة على صلاتك، بمراجعة دروسك بمواصلة أهلك وأخواتك، باللقاء مع الأخوات الفاضلات على طاعة الرحمن، فيحصل بذلك المقصود من دفع هذه الخواطر والتشاغل عنها، فهذا هو المطلوب، وأنت بذلك تصلين إلى الخروج من هذه الوساوس إلى الشعور بأنك قد تحررت منها في فكرك وعملك، فعملك مثمر منتج وفكرك قد تخلص منها فلا تقفين عندها، فخذي مثلاً هذا المثال:
فها أنت الآن جالسة وقد عرضت لك فكرة الموت فالمعتاد أن تسرحي في هذه الفكرة وأن تتخيليها وأن يصيبك لأجل ذلك القلق والحزن وربما فقدان الشهية وربما الخوف من النوم لظنك أنك إن نمت فقد لا تصبحين، فبدل ذلك إذا شعرت بورودها عليك فقومي بهذه الخطوات والزمي العمل بها، فأول ذلك:
1- أن تستعيذي بالله منها، كأن تقولي (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه).
2- أن تخرجي من هذا التفكير إلى عمل نافع يشغل تفكيرك، كأن تمسكي كتاب الله وتقرئي فيه وتتدبري معانيه، لاسيما إذا أضفت إلى ذلك شيئًا من تفسير القرآن، أو تستمعي إلى شريط إسلامي نافع يفيدك في دينك ودنياك أو تراجعين بعض دروسك وتركزين عليها، أو تقومي بتحضير وجبة من الطعام تتشاغلين بإعدادها على هيئة حسنة تحبينها، فبهذا يحصل لك إشغال لنفسك عن التفكير في هذا الأمر. والخطوة الثالثة بعد ذلك:
3- تحقيق النظر في هذه الوساوس وهي أنها مجرد خطرات تصدر من عدوك الذي يريد أن يشغلك عن طاعة الله وعن تحقيق مصالح دينك ودنياك، فبهذا تعلمين أنها وسوسة من جهة الشيطان ومن ضعف النفس الأمارة بالسوء، فلا التفات لها فمصدرها قد عرف ولن أتشاغل به بعد اليوم - بإذن الله عز وجل - .
فهذا هو المطلوب منك في هذا الوقت، هذا مع الحرص على الوصايا التي أشرنا إليها وقد كنا نود أن تشيري إليها في كلامك الكريم والتي تتعلق بدراستك وطبيعتها وطبيعة بعدك عن أهلك، فكل هذا له آثار كنا نود أن تشيري إليه ليكون ذلك أدعى لإصابة الجواب الأنسب، ونود أن تظلي على تواصل مع الشبكة الإسلامية وبانتظار رسالتك بعد أسبوعين لنقدم لك مزيدًا من التوجيهات والإرشادات مع ذكر عامة الثمرات والنتائج التي توصلت إليها، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى وأن يجعلك من الناجحات في الدنيا والآخرة.
وبالله التوفيق.
http://www.islamweb.net
لا يوجد حالياً أي تعليق