يجب أن يكون هدف الداعين إلى الإسلام والعاملين له: الاتحاد والألفة، اجتماع القلوب، والتئام الصفوف، والبعد عن الاختلاف والفرقة، وكل ما يمزق الجماعة أو يفرق الكلمة، من العداوة الظاهرة، أو البغضاء الباطنة، ويؤدي إلى فساد ذات البين، مما يوهن دين الأمة ودنياها جميعاً.
فلا يوجد دين دعا إلى الأخوة التي تتجسد في الاتحاد والتضامن، والتساند التآلف، والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في قرآنه وسنته.
من توجيهات القرآن:
قد أكد القرآن أن المسلمين ـ وإن اختلفت أجناسهم وألوانهم وأوطانهم ولغاتهم وطبقاتهم ـ أمة واحدة، وهم الأمة الوسط الذين جعلهم الله (شهداء على الناس) البقرة: 143، وهم كما وصفهم القرآن (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران: 110.
وأعلن القرآن أن الأخوة الواشجة هي الرباط المقدس بين جماعة المسلمين وهي العنوان المعبر عن حقيقة الإيمان: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) الحجرات: 10.
وجاءت الآيات بعد هذه الآية تقيم سياجاً من الآداب والفضائل الأخلاقية يحمي الأخوة مما يشوهها ويؤذيها، من السخرية، واللمز، والتنابز بالألقاب، وسوء الظن، والتجسس، والغيبة: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومَن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) الحجرات: 11 ـ 12.
وحذر القرآن من التفرق أيما تحذير. ومن ذلك قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض) الأنعام: 65.
فجعل تفريق الأمة شيعاً، يذوق بعضها بأس بعض، من أنواع العقوبات القدرية التي ينزلها الله بالناس إذا انحرفوا عن طريقه، ولم يعتبروا بآياته، وقرنها القرآن بالرجم ينزل من فوقهم، كالذي نزل بقوم لوط، أو بالخسف يقع من تحت أرجلهم، كالذي وقع لقارون.
وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) الأنعام: 159.
جاء عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى الذين تفرقوا واختلفوا في دينهم.
وجاء من غيره أنهم أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة.
قال ابن كثير: والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفاً له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد، لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه (وكانوا شيعاً) أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات، فإن الله تعالى، قد برأ رسول الله (ص)، مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) الشورى: 13.
وذم القرآن الذين تفرقوا واختلفوا في الدين من أهل الكتاب في آيات كثيرة سيمر علينا بعضها في موضعه من هذا البحث.
ـ توجيهات السنة النبوية:
أما السنة النبوية فقد قررت وأكدت وفصلت ما جاء به القرآن الكريم من الدعوة إلى الاتحاد والائتلاف، والتحذير من التفرق والاختلاف.
فقد دعت السنة إلى الجماعة والوحدة، ونفرت من الشذوذ والفرقة، دعت إلى الأخوة والمحبة، وزجرت عن العداوة والبغضاء.
والأحاديث في هذا كثيرة وفيرة ..
روى الترمذي عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية (اسم موضع) فقال: يا أيها الناس، إني قمت فيكم مقام رسول الله (ص) فينا، فقال: أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم .. عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الإثنين أبعد، مَن أراد بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة.
وروي عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): «يد الله مع الجماعة».
وروي عن ابن عمر أن رسول الله (ص) قال: «إن الله لا يجمع أمتي ـ أو قال: أمة محمد (ص) ـ على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومَن شذ شذ إلى النار».
وفي الصحيحين: «أن مَن فارق الجماعة شبراً فمات، فميتة جاهلية».
وأكدت السنة الدعوة إلى الأخوة والوحدة بين المسلمين في مواقف كثيرة وبأساليب شتى «المسلم أخو المسلم، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».
«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
«والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».
«المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على مَن سواهم».
ولقد حذرت السنة النبوية أبلغ التحذير وأشده من التباغض والتهاجر، والتشاحن، وفساد ذات البين.
فمن حديث أنس بن مالك عنه (ص): «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام».
ومن حديث أبي أيوب الأنصاري: «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».
ومن حديث أبي هريرة: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً».
ومن حديث أبي هريرة أيضاً: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات .. «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه».
ومن حديث كذلك: «تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء (أي عداوة) فيقال: أنظروا (أي أخروا) هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا».
ومن حديث أبي الدرداء: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة». قال الترمذي: ويروي عن النبي (ص) أنه قال: «هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين».
ومن حديث أبي هريرة: «إياكم وسوء ذات البين، فإنها الحالقة».
ومن حديث مولى الزبير عن الزبير: «دب إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا اقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا».
ومن حديث ابن عباس: «ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان» أي متقاطعان.
ومن حديث أبي خراش الأسلمي: «مَن هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه».
ومن حديث جابر بن عبدالله: «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم».
فلا يوجد دين دعا إلى الأخوة التي تتجسد في الاتحاد والتضامن، والتساند التآلف، والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في قرآنه وسنته.
من توجيهات القرآن:
قد أكد القرآن أن المسلمين ـ وإن اختلفت أجناسهم وألوانهم وأوطانهم ولغاتهم وطبقاتهم ـ أمة واحدة، وهم الأمة الوسط الذين جعلهم الله (شهداء على الناس) البقرة: 143، وهم كما وصفهم القرآن (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران: 110.
وأعلن القرآن أن الأخوة الواشجة هي الرباط المقدس بين جماعة المسلمين وهي العنوان المعبر عن حقيقة الإيمان: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) الحجرات: 10.
وجاءت الآيات بعد هذه الآية تقيم سياجاً من الآداب والفضائل الأخلاقية يحمي الأخوة مما يشوهها ويؤذيها، من السخرية، واللمز، والتنابز بالألقاب، وسوء الظن، والتجسس، والغيبة: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومَن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) الحجرات: 11 ـ 12.
وحذر القرآن من التفرق أيما تحذير. ومن ذلك قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض) الأنعام: 65.
فجعل تفريق الأمة شيعاً، يذوق بعضها بأس بعض، من أنواع العقوبات القدرية التي ينزلها الله بالناس إذا انحرفوا عن طريقه، ولم يعتبروا بآياته، وقرنها القرآن بالرجم ينزل من فوقهم، كالذي نزل بقوم لوط، أو بالخسف يقع من تحت أرجلهم، كالذي وقع لقارون.
وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) الأنعام: 159.
جاء عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى الذين تفرقوا واختلفوا في دينهم.
وجاء من غيره أنهم أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة.
قال ابن كثير: والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفاً له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد، لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه (وكانوا شيعاً) أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات، فإن الله تعالى، قد برأ رسول الله (ص)، مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) الشورى: 13.
وذم القرآن الذين تفرقوا واختلفوا في الدين من أهل الكتاب في آيات كثيرة سيمر علينا بعضها في موضعه من هذا البحث.
ـ توجيهات السنة النبوية:
أما السنة النبوية فقد قررت وأكدت وفصلت ما جاء به القرآن الكريم من الدعوة إلى الاتحاد والائتلاف، والتحذير من التفرق والاختلاف.
فقد دعت السنة إلى الجماعة والوحدة، ونفرت من الشذوذ والفرقة، دعت إلى الأخوة والمحبة، وزجرت عن العداوة والبغضاء.
والأحاديث في هذا كثيرة وفيرة ..
روى الترمذي عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية (اسم موضع) فقال: يا أيها الناس، إني قمت فيكم مقام رسول الله (ص) فينا، فقال: أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم .. عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الإثنين أبعد، مَن أراد بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة.
وروي عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): «يد الله مع الجماعة».
وروي عن ابن عمر أن رسول الله (ص) قال: «إن الله لا يجمع أمتي ـ أو قال: أمة محمد (ص) ـ على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومَن شذ شذ إلى النار».
وفي الصحيحين: «أن مَن فارق الجماعة شبراً فمات، فميتة جاهلية».
وأكدت السنة الدعوة إلى الأخوة والوحدة بين المسلمين في مواقف كثيرة وبأساليب شتى «المسلم أخو المسلم، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».
«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
«والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».
«المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على مَن سواهم».
ولقد حذرت السنة النبوية أبلغ التحذير وأشده من التباغض والتهاجر، والتشاحن، وفساد ذات البين.
فمن حديث أنس بن مالك عنه (ص): «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام».
ومن حديث أبي أيوب الأنصاري: «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».
ومن حديث أبي هريرة: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً».
ومن حديث أبي هريرة أيضاً: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات .. «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه».
ومن حديث كذلك: «تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء (أي عداوة) فيقال: أنظروا (أي أخروا) هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا».
ومن حديث أبي الدرداء: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة». قال الترمذي: ويروي عن النبي (ص) أنه قال: «هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين».
ومن حديث أبي هريرة: «إياكم وسوء ذات البين، فإنها الحالقة».
ومن حديث مولى الزبير عن الزبير: «دب إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا اقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا».
ومن حديث ابن عباس: «ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان» أي متقاطعان.
ومن حديث أبي خراش الأسلمي: «مَن هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه».
ومن حديث جابر بن عبدالله: «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم».