، والزوج لا ينال ذلك إلا بالاختيار الصحيح البعيد عن المظاهر الخادعة ،
والفرح بكثرة الأموال ، أو جمال الأشكال ، وقد حرص الإسلام على سعادة
البيوت وسعادة الأمة ، فأرشدها إلى أسس سليمة لاختيار الزوج المناسب دون
تسرع أو انخداع ، وهي :
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله : إذا خطب إليكم من ترضون دينه
وخلقه فزوِّجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . الترمذي –
كتاب النكاح عن رسول الله – باب إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه .
وإذا أردت معرفة صاحب الدِّين والخلق اسأل عنه أحد ثلاث ، إذ سنَّ أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب سنة لتمييز الناس ، إذ جاءه رجل يشهد لرجل ، فقال
الفاروق : أتعرف هذا الرجل ؟ فقال : نعم ، قال : هل أنت جاره الذي يعرف
مدخله ومخرجه ؟ فأجاب الشاهد : لا ، فقال : هل صاحبته في السفر الذي يسفر
عن مكارم الأخلاق ؟ قال : لا ، فقال : هل عاملته بالدرهم والدينار الذي
يعرف به ورع الرجل ؟ قال : لا ، فصاح به أمير المؤمنين لعلك رأيته يركع
ويسجد ، اذهب فإنك لا تعرفه ، والتفت إلى صاحب القضية وقال : ائتني بمن
يعرفك.
فالسؤال الصحيح مع صلاة الاستخارة سبب لتوفيق الله ، اللهم وفقنا إلى زوج صالح يكون قرة عين .
وتقول أم المؤمنين عائشة : النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته ؟
ويقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : الاحتياط في حق الفتاة أهم لأنها
رقيقة بالنكاح لا مخلص لها منه ، بينما الزوج قادر على الطلاق بكل حال ،
فإذا زوَّج الرجل ابنته ظالماً أو فاسقاً أو مبتدعاً أو شارب خمر ، فقد
جنا على دينه وتعرض لسخط الله تعالى لما قطع من حق الرحم وسوء الاختيار .
الإحياء – كتاب النكاح ( 2\41 )
عن عائشة قالت : قال رسول الله : تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم .
ابن ماجه – كتاب النكاح – باب الأكفاء.
عن معقل بن يسار قال : جاء رجل إلى رسول الله يقول له : يا رسول الله
إني أحببت امرأة ذات حسب ومنصب ومال إلا أنها لا تلد فأتزوجها ؟ فنهاه ،
ثم أتاه الثانية ، فقال له مثل ذلك ، ثم أتاه الثالثة ، فقال له : تزوجوا
الولود الودود فإني مكاثر بكم . النسائي – كتاب النكاح - باب كراهية تزويج
العقيم .
فالحديث يبين أنَّ الزوج إذا علم عقم من يتزوج كره له ذلك ، إلا إذا كان ذا عيال من زوجة أخرى .
أنتق أرحاماً : أكثر إنجاباً للأولاد .
ولا يعني تفضيل البكر إهمال المرأة المطلقة أو الأرملة ، إذ أغلب أمهات
المؤمنين من أزواج النبي كنَّ ثيبات ، فتزوج النبي منهنَّ تعليماً لنا
وتشريعاً حكيماً في تعدد الزوجات .
النوابغ : تزوجوا الغرائب تقوية لنسلكم . غريب الحديث- لإبراهيم الحربي .
فإذا لم يكن في العائلة مرض فالزواج من القرابة جائز ، وذلك أنَّ النبي
تزوج من بنت عمته زينب بنت جحش ، وزوَّج ابنته فاطمة من ابن عمه علي
بن أبي طالب ، وزوَّج ابنته زينب من ابن خالتها العاص بن أبي الربيع .
رُوي عن أبي سعيد الخدري أنَّ رسول الله قال : إياكم وخضراء الدمن !
قالوا يا رسول الله : ما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت
السوء . كنز العمال ( 16 \300 )
ورُوي عن أنس قال : قال رسول الله : من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله
إلا ُذلَّاً ، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً ، ومن تزوجها
لحسنها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة ليغض بصره ويحصن فرجه
ويصل رحمه كان ذلك منه ، بورك له فيها ، وبارك الله لها فيه . كنز العمال
( 16 \ 301
1- الدِّين : صاحب الدِّين والخلق ، إنْ أحب زوجه أعطى كل ما عنده من
المحبة والمودة والرحمة ، وإنْ كره زوجه أعطاه حقه ولم يظلم خوفاً من الله
.
تنبيه : ليس الجمال والمال سبب سعادة الرجل أو المرأة ، وعجباً لشباب اليوم الذين يتهافتون على امرأة جميلة أو غنية
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال : تنكح المرأة لأربع : لمالها
ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدِّين تربت يداك . البخاري –
كتاب النكاح – باب الأكفاء في الدين .
2- الكفاءة : الكفاءة بين الزوجين في الحالة الاجتماعية والثقافية
والمالية ... ، سبيل للانسجام والتفاهم بين الزوجين ومن ثم فإنَّ السعادة
ثمرة هذا الزواج ، وعدم التكافؤ بين الزوجين سبيل الشقاق والنزاع .
3- تفضيل المرأة الودود الولود : إذ الولد مقصد من مقاصد الزواج لبناء الأسرة وبناء المجتمع .
4- تفضيل البكر : عن عائشة قالت : قال رسول الله : عليكم بالأبكار
فإنهنَّ أعذب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأرضى باليسير . ابن ماجه – كتاب
النكاح – باب تزويج الأبكار .
5- الاغتراب في الزواج : إذا كانت العائلة مريضة ، ضعيفة النسل لا ينصح
بزواج القرابة من أولاد العم والعمة والخال والخالة لأنَّ علم الوراثة
أثبت ضعف النسل وأذى الذرية ، وها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ينصحنا
عندما قال لآل السائب الذين تزوجوا من قرابتهم وقد أصابهم المرض : قد
أضويتم فانكحوا النوابغ . .